سادساً: الطاقة الضوئية:
وهي مرتبطة بالطاقة الحرارية لأن أهم مصادر الضوء بعد الشمس هو النار المشتعلة في مادة صلبة كالشمع أو سائلة كزيت البترول أو غازية كغاز الاستصباح والبوتاجاز ( في الكلوبات).
وقد أشار القرآن الكريم إلى بعض مصادر الضوء فقال سبحانه وتعالى: )هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نوراً ([سورة يونس : 5 ]. )وجعل الشمس سراجاً ([سورة نوح : 16 ]. )يكاد البرق يخطف أبصارهم كلما أضاء لهم مشوا فيه ([سورة البقرة : 20]. )مثلهم كمثل الذي استوقد ناراً فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم ([سورة البقرة : 17 ].)يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار ([سورة النور: 35].
وفي القرآن الكريم تمييز واضح بين الضوء المباشر من مصدر ذاتي كالشمس والشمعة وبين النور الناتج عن ارتداد الضوء أو انعكاسه على سطح آخر كالقمر والمرآة، فوصف القمر بأنه نور ومنير )والقمر نوراً ([سورة يونس : 5 ]. )وجعل القمر فيهن نوراً ([سورة نوح : 16]، )وقمراً منيراً ([سورة الفرقان : 61 ].
ولذلك سمي القرآن الكريم هداية الرسل للبشر تنويراً ولم يسمها ضياء لأنها بالواسطة إما بالوحي المنزل في الكتب وإما بعلم الرسل من لدنه سبحانه وتعالى الذي قال يصف القرآن العظيم الذي أرسله على نبيه الكريم )فقد جاءكم من الله نور وكتاب مبين ([سورة المائدة: 15].وهناك من يرى أن )نور (هنا المراد به النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال سبحانه وتعالى يصف التوراة )إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور ([سورة المائدة:46].
وفي قوله سبحانه وتعالى: ) يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ([سورة التوبة: 22 ].
قال ابن كثير (ص 349 ج2 ): ( أي: ما بعث به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الهدى ودين الحق بمجرد جدالهم وافترائهم فمثلهم كمثل من يريد أن يطفىء نور القمر بنفخه وهذا لا سبيل إليه ).
والآية الوحيدة التي عبر فيها القرآن عن الهداية من الله هي قوله سبحانه وتعالى: )ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضياء وذكراً للمتقين ([سورة الأنبياء: ]. لأن الله كلم موسى تكليماً مباشراً بلا واسطة فكان ما تلقاه من ربه ضياء لا نوراً.
الشمس هي مصدر الضوء الذي يصل على الأرض وهي عبارة عن نجم كبير يمدنا بالطاقة والضوء عبر ملايين السنين
ومعلوم: أن من أهم خواص الضوء أنه ينتشر في خطوط مستقيمة، وأهم نتائج هذه الخاصية هي تكوين الظلال للأجسام غير الشفافة.
ويمن الله سبحانه وتعالى على الناس أنه خلق الظل، وفيه دليل على أنه خلق الضوء على هذه الكيفية بحيث ينتشر في خطوط مستقيمة لأنه لو كان غير ذلك لما تكون للجسم المعتم ظل.
قال سبحانه وتعالى: )والله جعل لكم مما خلق ظلالاً ([سورة النحل: 86 ]. )ألم ترى إلى ربك كيف مد الظل ولو شاء لجعله ساكناً ([سورة الفرقان : 26].) أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّداً لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ ([سورة النحل : 48]. )ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعاً وكرهاً وظلالهم بالغدو والآصال ([سورة الرعد : 15].
قال الزمخشري في آية الفرقان: ( ومعنى مد الظل أن جعله يمتد ويتبسط فينتفع به الناس لا ساكناً لاصقاً بأصل كل مظل فلم ينتفع به أحد ).
وعن معنى السجود في آيتي النحل والرعد يقول الفخر الرازي: فيه قولان:
الأول: أن كل شخص سواء كان مؤمناً أو كافراً فإن ظله يسجد لله.
الثاني: أن المراد من سجود الظلال ميلانها من جانب إلى جانب وطولها بسبب انحطاط الشمس وقصرها بسبب ارتفاع الشمس، فهي منقادة مستسلمة في طولها وقصرها وميلها من جانب إلى جانب.
ويقول القرطبي: ( وهو تسبيح دلالة لا تسبيح عبادة ).
ويقول أيضاً: فدورانها وميلانها من موضوع إلى موضوع سجودها...
وقال الزجاج: سجداً يعني سجود لجسم، وسجوده انقياده وما يرى منه من أثر الصنعة وهذا عام في كل جسم.
وكسوف الشمس وخسوف القمر ظاهرتان من نتائج تكوين الظلال التي هي نتيجة لسير الضوء في خطوط مستقيمة.
فالكسوف يحدث عندما يكون القمر بين الشمس والأرض والجميع على استقامة واحدة فيقع ظل القمر على منطقة من الأرض فلا يرى ساكنها الشمس إلا إذا كان في منطقة شبه الظل فيرى جزءاً منها فقط، والخسوف يحدث عندما تكون الأرض بين الشمس والقمر والجميع على استقامة واحدة فيقع القمر في منطقة ظل الأرض أو في منطقة شبه ظل الأرض.
وقد حرص النبي ( صلى الله عليه وسلم ) على أن ينبه الناس إلى أن هاتين الظاهرتين هما ظاهرتان كونيتان تحدثان وفقاً لسنن الله في كونه ولا صلة لهما بحياة أحدٍ من البشر أو بموته، وأن عليهم أن يخلصوا العبادة لله والتفكير في قدرته فقال: ( إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته. فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروا وصلوا وتصدقوا ). (رواه البخاري عن عائشة وله رواية أخرى عن أبي مسعود وفيها قال: ( لا ينكسفان ).
وفي قوله سبحانه وتعالى: )الذي جعل لكم من الشجر الأخضر ناراً فإذا أنتم منه توقدون ([سورة يس : 80 ].يلفتنا وصف الشجر بالأخضر.
لأنه إذا كان المراد استخدام الشجر كوقود لإشعال النار فلا بد أن يكون جافاً ولذلك نرى بدون تعسف، أن في هذه الآية إشارة إلى الضوء كطاقة تستخدم في عملية التمثيل الضوئي أو الكلوروفيلي حيث تختزن الطاقة الضوئية كطاقة كيميائية في المواد الغذائية وفي الخشب حيث يمكن أن تتحول فيما بعد إلى طاقة حرارية بالأكسدة.