الربح من مشاهدة الاعلانات

Wikipedia

نتائج البحث

الأربعاء، 27 سبتمبر 2017

الاحجار الكريمة والاسطورة المتعلقة بها

أساطير الجواهر: قدرات خارقة للأحجار الكريمة

تحكي الأسطورة أن الجن كانوا يخافون من الذئاب، فإذا رأى الجنيُّ ذئباً قادماً نحوه غيّر هيئته وتحول إلى صورة حجر كريم؛ خشية أن يراه، فإذا لمحه الذئب؛ بال عليه. ومن تلك اللحظة يظل الجنيّ على تلك الحال إلى أن يقع في يد إنسان، فيظهر له في نومه ويعرض عليه خدماته. 

هذه الحكاية ليست وحدها في قائمة الأساطير التي تغلغلت في نفوس الشعوب القديمة؛ فقد اختُرعت الحكايات عن الجن الذين يسكنون في أعماق الأرض في قصور بلورية، وعن ملوك الجبال الذين يسكنون في مغارات مضيئة بآلاف القناديل من الياقوت أو الألماس. وعن إبليس الذي يبغض الحجارة الكريمة؛ لأنها كانت تزين لباسه السماوي عندما كان ملاكاً كريماً، قبل أن يُحرم منها ويطرد من الجنة. 

التراث الشرقي غنيٌّ بتلك الحكايات، وما أكثرها في "ألف ليلة وليلة"، ودواوين التراث الهندي والصيني. ولا يقل الغربيون عن المشرق في العناية بالأساطير. الأديب الألماني غوته استلهم منها مسرحيته "إله العشق"، إذ يشكّل بطلها جِنّيٌّ صالح، كان محبوساً في ياقوتة عظيمة. والتراث الغربي عموماً يحظى بالعديد من تلك النماذج؛ مثل حكاية السيدة المكنونة في الياقوتة المشعة. وأسطورة "الجن الأقزام" الذين يعملون في المناجم في مهنة التعدين، وأنهم كانوا أحياناً يتفضلون على بعض الناس الطيبين؛ فيهدونهم إلى مخازن الجواهر بشرط ألا يفشون أسرار تلك الخزائن المكنونة. وحكاية ملكة الجبال الساكنة في "قاعة الجواهر”، التي تغري شاباً وسيماً كي يعمل عندها في التعدين! 

والحجر الكريم حجر نادر ذو مظهر جذاب، ويحتوي على درجة معينة من الصلابة ليتحمل الارتداء دون تغير لونه ورونقه وجماله، وإذا غاب شرط الندرة؛ فإنه يدخل في قائمة الأحجار "شبه الكريمة". 

اندفعت جميع الشعوب القديمة، إلى الإيمان بالقوة الروحية لتلك الأحجار، فاختاروا لكل واحد منها وظيفة، جعلوا منها تميمة تربطها بتعويذة. وبعضهم نسب إليها قدرات خارقة في الشفاء من الأمراض النفسية والجسدية. 

أقدم الكتب التي وصلتنا عن الجواهر كانت من العصر الروماني حيث عثر على كتابين ينسبان إلى المؤرخَين "بليني" و"سولينس". وهناك كتاب قديم يُنسب إلى "أرسطوطاليس" عرفه العرب وترجموه. 

وفي تراثنا العربي العديد المخطوطات التي تحدثت عن تلك الأحجار وخصائصها، مثل كتابي "الأحجار" و"الجواهر الكبير" لجابر بن حيان (200هـ)، و"منافع الأحجار" لمحمد بن عطارد البغدادي (206هـ)، و"رسالة في أنواع الجواهر الثمينة" للكندي (260هـ)، وكتابي "الخواص" وعلل المعادن" لأبي بكر الرازي (311هـ)، و"الجماهر في معرفة الجواهر" للبيروني (440هـ)، و"الأحجار الملوكية" و"أزهار الأفكار في جواهر الأحجار" للتيفاشي (651هـ)، و"نُخَب الذخائر في أحوال الجواهر" للطبيب الأكفاني (749هـ) وغيرها.
..

وكان العرب يعتقدون أن التختم بالعقيق يحفظ صاحبه من مرض الطاعون، وأنه يعظّم لابسه في عيون الناس، ويسهل عليه قضاء الحوائج، وتتيسَّر له أسباب المعاش، ويقوي قلبه ويشجعه، وأن الصاعقة لا تقع على من تختم، وإذا وضع تحت اللسان قطع العطش! 

والأوروبيون كانوا يصفون "الياقوت الأزرق" بأنه رمز العفة، فمن يحمله أو يختم به يعيش عفيفاً، وإلا تغير لون الحجر؛ لذلك كان يفضله الرهبان والقساوسة في أوروبا بالقرون الوسطى. و"الفيروز" لا تصيب العين من تختم به أو لبسه. ومنه أخذت فكرة "الخرزة الزرقاء" للوقاية من الحسد. 
أمّا الزمرد؛ فإن الأفاعي إذا نظرت إليه ووقع بصرها عليه انفقأت عيونها، وهو ينفع درءاً من السم القاتل. ومن منافعه أن من أدمن نظره إليه أُذْهِبَ عن بصره الكلال والعمى، ومن تختم به دُفِع عنه داء الصرع. ولعل ذلك الأمر له علاقة بالأسطورة الهندية التي تقول إن الزمرد خلق من جسد ابنة ملكٍ أسرها ملك الحيات! 

ومن الموروثات أيضاً، أن لكل شهر حجراً كريماً معيناً، فكل مولود حجره الخاص الذي يشبه صفاته، وهو ما ربطوه بالأبراج، فلشهر يناير/كانون الثاني الجرانيت، ولفبراير/شباط الجمشت، ولمارس/آذار حجر الدم، ولأبريل/نيسان الألماس، ولمايو/أيار الزمرد، وليونيو/حزيران اللؤلؤ، وليوليو/تموز الياقوت، ولأغسطس/آب الساردونيكس، ولسبتمبر/أيلول السفير، ولأكتوبر/تشرين الأول المرو، ولنوفمبر/تشرين الثاني التوبارز، ولديسمبر/كانون الأول الفيروز. 

من أشهر مجموعات الاحجار النفيسة التي أصبحت تعرض للجماهير باعتبارها رموزاً تاريخية ودليلاً على المحتد والمجد والثراء، مجوهرات التاج البريطاني، والمجوهرات الملكية الإيرانية، ومجموعة الألماس التابعة لروسيا القيصرية، ومجوهرات سلاطين العثمانيين في إسطنبول، إضافة إلى مجموعات متناثرة بين المتاحف العالمية. 

يعد (The Imperial State Crown) أثمن تاج في العالم ويتكون من العديد من الأحجار الكريمة النادرة، وأهمها ياقوتة الأمير السوداء التي يصل حجمها إلى حجم البيضة، ويعود تاريخها إلى القرن الرابع عشر، هذه الجوهرة مطوقة بجوهرتين من الياقوت الأزرق موروثتين من المَلِكَين إدوارد (1066) وتشارلز الثاني (1630م). وفيه أقراط ضخمة من اللؤلؤ والالماس، أما بقية التاج فمزين بحوالي 2783 ماسة، 273 لؤلؤة، و16 ياقوتة زرقاء، 11 زمردة، و4 جواهر من الياقوت الأحمر!! ويحظر الدستور البريطاني خروج هذا التاج من بريطانيا. 

وكلما ازدادت المجتمعات بدائيةً ارتفعت معها فكرة روحانية تلك الأحجار، وكلما ترقّت زهدت في الروحانية وتعاملت معها بمنطق السوق الاقتصادي، باعتبارها أحجاراً نفيسة الثمن، لها خصائصها الفيزيائية النادرة المميزة. ولذا لم يمنع التقدم الحضاري للرأسماليين من أن يدخلوا أو يفتعلوا صراعات من أجل تلك الجواهر وعوائدها المادية الباهظة، مثل ما يسمّى بـ "حروب الألماس" الدامية في أفريقيا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق